عــنــاصـــر الـــدعـــــوى الــقــضـائــيــة.



تتميز الدعوى القضائية بثلاثة عناصر أساسية هي ” أشخاص الدعوى ومحل الدعوى وسبب الدعوى” ، وعليه فإن لكل دعوي قضائية “أشخاص” (المدعي والمدعى عليه) ، ومحل ترد عليه الدعوى (ما يطلبه المدعي في دعواه) ، وسبب تستند إليه الدعوى (مجموعة الوقائع المنتجة التي يتم التمسك بها في الدعوى) ، وبناءً عليه نعرض في مقالتنا هذه بشكل مختصر لعناصر الدعوى القضائية .

أولاً:- أشخاص الدعوى .

بالتأمل في الدعاوى القضائية نجد أن من يدعي لنفسه حقاً يسمى (مدعي) والخصم الآخر في الدعوى يسمى (مدعى عليه) وبالتالي فالأصل إنحصار الخصومة فيما بين المدعي والمدعى عليه ، وقد أجاز المشرع الإماراتي التوسع في الخصومة بإدخال خصوم جدد في الدعوى القضائية ويأتي ذلك تطبيقاً لمبدأ المرونة في قواعد العدالة ، وعليه فإنه يجوز الإدخال والتدخل في الدعوى القضائية .

التدخل في الدعوى .

التدخل في الدعوى يكون بطلب من الغير بالتدخل فيها ، وقد يكون هذا التدخل إنضمامي أو هجومي ، والتدخل الإنضمامي يظهر في صورة تدخل الغير بهدف مساعدة أحد الأطراف 

في الخصومة القضائية ، وبالتالي لا يدعي المتدخل المنضم حقاً لنفسه ويكون تدخله منضماً لأحد الخصوم للدفاع عنه ، أما التدخل الهجومي فهو كذلك يكون من شخص من الغير يتدخل في خصومة منعقدة وقائمة ولكن يطالب بحق خاص به مرتبط بالدعوى القضائية في مواجهة طرفي الدعوى (المدعي أو المدعى عليه ) …”.

وتأييداً لما سبق فقد نصت المادة (97) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على أنه : ” يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضمًا لأحد الخصوم أو طالبًا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يقدم شفاهةً في الجلسة وبحضور الخصوم ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة “.

وقد قضت محكمة تمييز دبي: بأن طلب الغير التدخل في الدعوى إنضماماً أو هجوماً . وجوب قبول المحكمه لهذا التدخل متى تحققت من إرتباط الحق الذى يدعيه الطالب  بموضوع الدعوى الأصليه . القضاء بقبول التدخل . لا يعنى بالضروره صدور حكم لصالح الطالب .

1004حقوق رقم الصفحة 2001 سنة 12 الصادرة في العدد 152 القاعدة رقم التي تضمنها حكم محكمة التمييز – دبي بتاريخ 30-12-2001
في الطعن رقم 2001 / 51 طعن أحوال شخصية

إدخال الغير في الدعوى القضائية .


_ إدخال الغير في الدعوى القضائية قد يكون بناءً على طلب أحد الخصوم ويسمي الغير في هذه الحالة “خصم مدخل” ويتم إختصامه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ، وتأييداً لذلك فقد نصت المادة (96) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على أنه : ” للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويجوز للمدعى عليه إذا إدعى أن له حقًا في الرجوع بالحق المدعى به على شخص ليس طرفًا في الدعوى أن يقدم طلبًا مكتوبًا إلى مكتب إدارة الدعوى أو إلى المحكمة يبين فيه ماهية الإدعاء وأسبابه ويطلب إدخال ذلك الشخص طرفًا في الدعوى ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، كما يجوز إدخاله إذا حضر بالجلسة ووافق أمام المحكمة على هذا الإجراء “.

_ وقد يكون إدخال الغير في الدعوى القضائية من قبل المحكمة المختصة من تلقاء نفسها ويتم ذلك لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة، وتأييداً لذلك فقد نصت المادة (98) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على أنه :

_ وبناء على ما سبق فإن كانت الدعوى القضائية في الأصل تكون بين طرفين (المدعى والمدعى عليه ) ، إلا أن المشرع الإماراتي قد أجاز التوسع فيها حيث تملك المحكمة إدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة ، كما يستطيع الخصم في الدعوى أن يدخل فيها من كان يصح إختصامه فيها عند رفعها ، وعلاوة على ما سبق يجوز للغير التدخل في الدعوى سواء إنضمامياً أو هجومياً على النحو الوارد بعاليه .

 

ثانياً:- محل الدعوى .

 

_ وأما عن (محل الدعوى) فيتمثل فيما يطلبه المدعي في دعواه من تقرير لوجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني أو الزام بأداء معين …”، ويُعبر عن محل الدعوى بلفظ (موضوع الدعوى) وبمعنى جلي ينصب موضوع الدعوى على الطلب الذي يتمسك المدعي به طالباً الحكم له به في مواجهة خصمه في الدعوى، ومثال ذلك: (” دعوى مطالبة يتمثل الطلب فيها في القضاء بمبلغ المطالبة …” ، ودعوى التعويض يتمثل الطلب فيها في القضاء بمبلغ التعويض المدعى به …”، ودعوى الإخلاء يتمثل الطلب فيها في القضاء بإخلاء العقار المستأجر لعدم سداد الأجرة…….إلخ “).

 

ونؤكد على أنه يحق للمدعي أو المدعي عليه تقديم الطلبات العارضة المرتبطة بالطلب الأصلي إرتباطا ًيجعل من حسن سير العدالة نظرهما معاً، ويتم ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يقدم شفاهةً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، وقد نظم المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية الأحكام المتعلقة بالطلبات العارضة في المواد (99) و (100) و(101) و (102) ونعرض للنصوص المشار إليها على النحو التالي :

المادة (99)

المادة (100)

للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة:-

المادة (101)

للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة:-

المادة (102)

ثالثاً:- سبب الدعوى .

 

إن سبب الدعوى يختلف عن القاعدة القانونية المجردة التي يستند إليها المدعي في دعواه القضائية ، حيث أن العناصر والظروف الواقعية التي تبرر قيد الدعوى هي أساس الدعوى وعليه نخلص إلى أن سبب الدعوى يتمثل في مجموعة الحقائق الواقعية الكافية لتبرير حق المدعي في رفع دعواه ، ويُعبر عن سبب الدعوى بالواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب في دعواه .

 

ويثار تساؤل/ هل تملك المحكمة المختصة تغيير سبب الدعوى ؟ ، والجواب على ذلك قطعاً بالنفي فإن المحكمة لا تملك أن تغير سبب الدعوى وإنما تتقيد بسبب الدعوى ويقتصر بحثها على السبب المدعى به ، ولكن تملك المحكمة التكييف القانوني للدعوى في حدود السبب الذي يستند إليه المدعي في دعواه .

وتأييداً لما سبق فقد قضت محكمة تمييز دبي في حكم قديم مشهور لها بأنه : على محكمة الموضوع أن تتقيد بسبب الدعوى، وتُقصر بحثها عليه ، وهى لا تملك أن تُغيره من تلقاء  نفسها ، وأنها وإن كانت ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك فى حدود السبب الذى يستند إليه المدعى وفى نطاق طلباته المقدمة منه والعبرة فى تكييف الدعوى هى بحقيقه هذه الطلبات .

523 حقوق رقم الصفحة 2003 سنة 14الصادرة في العدد 87 القاعدة رقم التي تضمنها حكم محكمة التمييز – دبي بتاريخ 27-04-2003في الطعن رقم 2003 / 32 طعن حقـوق


وبناء على ما سبق فإنه يجب على المتقاضي الحرص الشديد في إختياره للمحامي الجدير بالثقة لتمثيله في دعواه حيث أن نجاح دعواه يعتمد في المقام الأول في تحديد سبب دعواه تحديداً دقيقاً بما يلائم الطلبات فيها وبما يلائم تطلعات موكله ، إستناداً للنصوص القانونية ذات الصلة والأحكام القضائية الحديثة ذات الصلة حيث أن تحديد ما سبق سيؤثر حتماً على الدعوى القضائية إيجاباً ، فكلما عُرضت أسباب الدعوى بصورة متسقة وقوية ، وقُدمت الأدلة فيها بصورة مرتبة ومنطقية كانت الأحكام القضائية متوافقة مع ذلك ، ويعنون ذلك كله تحت شعار ” الدفاع في الدعوى في صورته المثلى إبتداءً من ذكر الأسباب المناسبة والطلبات المتوافقة بما يوافق تطلعات المدعي وأحكام القانون ، وصولاً لثمرة النجاح في الدعوى القضائية المتمثلة في الحكم القضائي ، وبناء عليه فقد عرضنا للمحة مختصرة عن عناصر الدعوى الثلاثة (الأشخاص والموضوع والسبب) . 

بقلم الدكتور / عماد السيد ابو سالم